[] الاستشارة:
لدي ابنه عمرها ست سنوات توفي والدها قبل سبع اشهر مقتولاً وتعاني من قله النوم والتفكير وكل احاديثها عن ذكرياتها عن والدها لدرجه أنها تحزن وتبكي أثناء الحديث.
كما علمت مؤخراً بان أهلها يردون أخذها انا احاول ان احتوي الموقف واساعدها ان تتجاوز ذلك لكني نجحت مع اخوتها وفشلت معها علماً بأن اختها عمرها خمس واخوها سنتين.
أخاف أن تتطور الحاله فانا الاحظ إسوداد في شفتيها وتحت عينيها من الارهاق فقد كانت متعلقه جداً بولدها ماذ أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
* رد المستشار: أ. عادل عبد الله هندي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيتها الأخت الكريمة الطيبة: أشكر لك حرصك هذه البنت الصغيرة، واللاتي أسأل الله لها الهداية والعافية، وأسأله سبحانه أن يعينك على الصبر على تربيتها ومثيلاتها.
ولقد حفّز همتنا رسولُنا الكريم بحسن تربية البنات، فمن صبر على واحدة منهن وأحسن تربيتهن، كتب له نصيبه من الجنة دار الكرامة والسلام، فنسأل الله أن يعوضك خيرا وأن يجنبك وبناتك وبنات المسلمين شر فتن الدنيا والآخرة.
وبعد: فإن مثل هذه الحالة المتكررة لبعض الصبية أو البنات الصغار، لهو أمر طبيعي ينتج عن عاطفة متقدة بين الأب وإبنه، فليست مشكلة معقدة بقدر ما أنها تحتاج إلى من ينمي لديها تلك العاطفة ويوجهها التوجيه الصحيح ويعوضها ما فقدته نتيجة وفاة والدها -الذي نسأل الله تعالى أن يتقبله في الشهداء وأن يلحقه بالصالحين في أعلى الجنة- ولذا فعليك بالآتي:
*أولا: أرجو أن تعرض هذه الفتاة على طبيب نفسي مباشرةً دون علمها وترتيب جلسة معه للدعم النفسي لها فهي في حاجة ماسّة إلى دعم نفسي وعاطفي.
*ثانيًا: إقتربي منها أكثر بالإستماع إليها وعن ذكرياتها ولو كانت مؤلمة ومبكية، وأقصد بهذا أنه كلما إقتربت منها بسماعها والإستماع إليها -وهي بالفعل في حاجة إلى من يسمعها- كلما إقتربت منها كلما زاد تعلقها بمن أعطاها الفرصة للحكاية والإسترسال، فيعوضها جزءًا مما تركه الوالد من فراغ عاطفي بين أب وإبنته الصغيرة.
*ثالثا: أشركيها ما إستطعت إلى ذلك سبيل في ظل رفقة طيبة من بنات مثيلاتها في حضانة أو ناد أو غير ذلك، مما يساهم في ملأ الفراغ الذي تحياه.
*رابعًا: إبحثي عن أكثر ما كانت تتعلق به مع والدها، وحاولي القيام به ما أمكنك هذا.
*خامسا: بالنسبة لقلة النوم، لا أنصحك أبدًا بأن تعطيها مهدئات أو حبوبا منوِّمة، لئلا تعتادها منذ الصغر وتدمنها، أسأل الله لها العفو والسلامة.
*سادسًا: شاركيها أحلامها وحدثيها عن نفسها، وأكثري من مدحها ومدح تفكيرها لاسيما بين مثيلاتها، ومن ثمّ ستجدين شخصًا جديدًا يتحاور معك.
*سابعًا: عليك بتشجيعها وتحفيزها بمكافآت تحبها، لاسيما مما كان يستخدمه والدها معها، عند إنجازها عملا أو سعيها في التعاون مع الآخرين، أو حصولها على تقدير في إمتحان مّا.
*ثامنًا: لا تنسي أن تربطيها بالله تعالى، ووثقي عندها مبدأ القدر، وأنّ الله بيده كل الأمور، وأن كل شيء في هذا الوجود خلقه الله بقدر، ولحكمة يريدها قد نكتشفها عند الكبر، واقرئي لها قبل النوم قصص الأنبياء أو القرآن، أو قصصا تنموية تنمي مبدأ القدر عند الطفل، وهناك كتب متوفرة في السوق أو على الانترنت -معتمدة- لقصص الأطفال الداعمة لنفسياتهم، بل يمكنك أن تقصي عليها قصصا مشابهة لحالتها بأسماء أخرى، وتكون معقدة أكثر، لترى أنها في خير الآن، وأن غيرها أكثر بلاء منها، مما يجعلها ترى أنها في نعمة كبرى من الله.
*تاسعًا: راجعي طبيبًا بشريًّا في أمر إرهاقها وما تحت عينيها، فلعله يجد وسيلة طبية بسيطة غير معقدة لحل هذه المشكلة.
*عاشرًا: أرجو ألا تجعليها مثارًا للحكاية والقصة بين النّاس، بمعنى: لا نريد تضخيم حالتها كل وقت، ولا تجعلوها محلًّا للشفقة البارزة التي تجعلها تعتقد أنها مريضة أو معذورة كما يقول البعض، بل إجعلوا الأمر طبيعيًّا، وأنه سينتهي في القريب العاجل.
أسأل الله تعالى أن يعينك على حسن تربيتها وأن يجنبها وإياك كل ما يثير القلق والإحباط والإكتئاب وأن يجعل والدها في أعلى الجنة يارب العالمين.
المصدر: موقع المستشار.